عندما يدعى بعض الناس حفل أو وليمة ما,يدخله شعور بأنه مقدّر ومحترم من قبل تلك الجهة,وكلما أرتقى شأن الجهة اجتماعياً ينتابه شعور بالكرامة والعزة,فتراه يأخذ أهبته واستعداده حين التوجه لذلك اللقاء الكريم محاولاً أن يهذب هندامه ونفسه من كل الشوائب ليظهر بالمظهر اللائق والمناسب لذلك المقام,ويحاول أن يضبط سلوكه وكلامه أمام الآخرين.
فكيف بالمؤمن وهو يقبل على ربه وقد دعا الى ضيافته
"شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله".
ويرى هذه الفرصة الثمينة للقاء العجيب مع الرحمن وهو
ينتظر ذلك الجزاء المحبب للنفس وقد سمع قول الله تعالى "الصوم لي وأنا أجزي عليه".
إنه عطاء الكريم والجواد (إذا سألك عبادي عني فإني قريب
.أجيب دعوة الداع إذا دعانِِ,فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي
لعلهم يرشدون) (البقرة/186).
وفي دار الضيافة يحصل هذا القرب من الجواد الكريم
وفي إستجابة الدعاء يحصل على الجزاء وهذا العوض
,إذا شعر الصائم وأيقن بهذا القرب وهذه المودة وهذه الرقة
,فأين تقع مشقة الصوم وهو يتلو هذه الآية وهي تسكب
في قلبه المودة والأنس والإطمئنان والثقة واليقين
وهو يعيش في جنب الله وقربه ويلوذ فيه وينهل من رحمته وهديه وصلاحه,فإلى رحاب الله الواسعة لينهل منها العبد
إذا كان قد استجاب له واتقاه.
فإذا قدر الإنسان مكانته عند الله واستعد لهذا اللقاء العظيم
بنية خالصة وتوجه سليم واستثمرهذه الفرصة الثمينة
,فلاشك من الفوز بالجائزة الربانية
(إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).
فالدعاء في هذا الشهر مستجاب
,فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله
:"للصائم عند افطاره دعوة مستجابة".
وروي عن سلمان الفارسي رضوان الله تعالى عليه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :"إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد اليه يديه يسأل فيهما خيراً فيردهما خائبتين".
وفي هذا الشهر يتجدد الأمل وترجح لديه كلفة الاستجابة
وقبول الأعمال لأنه مزود بوعد الله تعالى فيمتلىء حبوراً
وغبطة ويعمل على أن يكون بالمستوى اللائق لهذه الكرامة الإلهية الفريدة فالأعمال فيه مقبولة والنوم فيه عبادة
والأنفاس فيه تسبيح والشياطين مغلولة والنيران مغلقة
والجنات مفتحة والاجور مضاعفة.
فكل هذه المغرمات والوعود الإلهية تفرض على الإنسان
أن يستعد استعداداً كاملاً لإستثمار هذه الأيام المعدودة
لتحقيق الهدف السامي من الصوم وينال رضا الله تعالى.
فليستعد الذين يتاجرون مع الله لهذا اللقاء وهذه الصفقة
التي لن تبور فالى الله ومع الله وفي جنب الله ندعوه
دعوة العارفين بكرمه وجوده ومنه وعطائه ورحمته
والشقي من يضيع الفرصة دون استثماره
ا ومنه نستمد العون على ذلك